تعزيزات وتدريبات وتحصين أميركا تفرمل انسحابها من سوريا سوريا الأخبار الجمعة 8 آب 2025 تستمر واشنطن في اتّباع سياسة الع
تعزيزات وتدريبات وتحصين: أميركا تفرمل انسحابها من سوريا
سوريا
الأخبار
الجمعة 8 آب 2025
تستمر واشنطن في اتّباع سياسة العصا والجزرة حيال دمشق (أ ف ب)
تتكشّف يوماً بعد آخر حالة التباين بين وزارة الخارجية الأميركية من جهة، وكلٍّ من وزارة الدفاع (البنتاغون) وجهاز الاستخبارات (سي آي إيه) من جهة أخرى، في شأن الوجود العسكري في سوريا وعدد القواعد والأفراد هناك. ويبدو أن الكفّة في خضمّ هذا الخلاف لا تزال تميل إلى الحفاظ على وجود عسكري يحقّق مصالح واشنطن الاستراتيجية، ولا سيما في ظل حالة الاضطراب وعدم الاستقرار في هذا البلد.
وعلى الرغم من إعلان الولايات المتحدة إنهاء وجودها العسكري في محافظة دير الزور، وإخلاء ثلاث قواعد هناك من بينها قاعدتان رئيسيتان هما «معمل غاز كونيكو» و«حقل العمر»، والذي ترافق مع توقّعات بتخفيض إضافي كان مُفترضاً أن يتم قبل شهر، إلا أن ذلك لم يحصل. لا بل لوحظ نشاط عسكري متزايد، تخلّله إدخال الأسلحة والذخائر، وإجراء تدريبات بالذخيرة الحيّة، لاختبار جاهزية القوات في ما تبقّى من قواعد في محافظة الحسكة.
والظاهر أن واشنطن ترى أن تراجع حضور الحكومة الانتقالية بعد أحداث السويداء والساحل، واحتمال اندلاع مواجهات بين الأخيرة و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في حال فشل اجتماع باريس المُرتقب بين الطرفين، بالإضافة إلى التصاعد الملحوظ في نشاط خلايا تنظيم «داعش»، كلّها عوامل تجعل من الحفاظ على الوجود الأميركي من دون أي تقليص ضرورة ملحّة. كما أن هذا الوجود يبقى عنصراً ضاغطاً على دمشق، في حال لم تُحقق الشروط المطلوبة منها، لا سيّما تلك المتعلّقة بالتطبيع مع إسرائيل، وحلّ ملف المقاتلين الأجانب.
هكذا، تستمر واشنطن في اتّباع سياسة العصا والجزرة حيال دمشق، وهو ما ظهر في تصريحات المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس برّاك، الإيجابية تارة، والتحذيرية تارة أخرى، كما من خلال الاستمرار في فرض قانون «قيصر» على الرغم من الإعلان سابقاً عن رفع العقوبات، مع الإبقاء على تصنيف سوريا كـ«دولة راعية للإرهاب». وكان برّاك أكّد في تصريحات سابقة أن «الولايات المتحدة ستُقلّص وجودها العسكري في سوريا بشكل تدريجي حتى نهاية العام الجاري، مع الحفاظ في نهاية المطاف على قاعدة واحدة»، يُعتقد أنها «التنف» عند مثلث الحدود مع العراق والأردن، وهو ما يخالف الوقائع على الأرض.
تعقد كلّ من «الإدارة الذاتية» و«مسد» اجتماعاً جديداً، اليوم، شبيهاً بـ«مؤتمر الوحدة الكردية»
وأمام ذلك الواقع، فإن القرار الأميركي الواضح حتى الآن، هو الحفاظ على الوجود العسكري وتعزيزه استعداداً لأي سيناريوات محتملة، في ظلّ الاضطرابات التي تشهدها المرحلة الانتقالية في سوريا، خاصة بعد إعلان شبه «إدارة ذاتية» في السويداء، وتمسّك الأكراد بمطلب «اللامركزية» والحفاظ على إدارتهم «الذاتية» المعلنة منذ 12 عاماً.
وفي هذا السياق، أفاد تقرير نشره موقع «المونيتور» الأميركي بأن «مشروع قانون الإنفاق الدفاعي للعام الحالي (2025) من شأنه تقييد سحب القوات الأميركية من سوريا»، موضحاً أن «مشروع القانون يُلزم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بتقديم شهادة رسمية تؤكّد أن أي انسحاب من سوريا لن يُضرّ بمهمة هزيمة تنظيم داعش». وبحسب التقرير، يتضمّن المشروع بنداً يمنع خفض أو دمج القواعد العسكرية الأميركية في سوريا من دون إشعار مسبق للكونغرس. كما يؤكّد «وجوب أن يشمل التقرير المقدَّم للكونغرس تقييماً لأي ثغرات في الدعم أو التدريب المقدّم للقوات المحلية السورية».
وفي الإطار نفسه، يؤكد مصدر ميداني، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «التحركات العسكرية الأميركية الأخيرة في سوريا لا توحي بإخلاء وشيك لمزيد من القواعد»، كاشفاً عن «وجود نشاط متنامٍ في اتجاه عين العرب ودير حافر، تعزّزه عملية الإنزال والمداهمة التي جرت في مدينة الباب وأسفرت عن اعتقال قيادي عراقي».
ويشير المصدر إلى أن «التعزيزات العسكرية الأميركية، الجوية والبرية، متواصلة في اتجاه القواعد، ما يخلق بيئة للاستقرار والبقاء لا للتقليص والمغادرة»، مرجّحاً أن «تعمل واشنطن على تعزيز قواعدها بالعتاد والذخائر وربّما حتى بالعناصر مستقبلاً»، معتبراً أن «حالة عدم الاستقرار في سوريا قد تفرض توجّهاً أميركياً نحو الدفع بمزيد من القوات إلى سوريا».
إلى ذلك، تعقد كلّ من «الإدارة الذاتية» و«مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد)، الجناحيْن الإداري والعسكري لـ«قسد»، اجتماعاً جديداً اليوم، شبيهاً بـ«مؤتمر الوحدة الكردية»، لكن هذه المرة بمشاركة كل المكوّنات الاجتماعية والدينية والقومية في مناطق شمال شرق سوريا، وسط توقّعات بتبنّي مطلب «اللامركزية» لكل مناطق سوريا، بما فيها مناطق سيطرة «قسد».
وفي هذا الإطار، كشف مصدر مطّلع أن «وفداً فرنسياً من وزارة الخارجية سيحضر الاجتماع للاطّلاع على موقف العشائر وباقي المكوّنات من «قسد»»، لافتاً، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن «اللقاء يُعقد ضمن تحضيرات «قسد» لاجتماع باريس، وفي إطار تأكيدها أنها تحظى بتأييد لمشروعها من مكوّنات شمال شرق سوريا».
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها